القوني: الرجل الغني بالقرآن في دارفور
اشتهرت دارفور بأنها بلد القرآن الكريم، ولم تأت هذه التسمية من فراغ، ففي تاريخها المدون والشفاهي حكايات وروايات عن تعظيم القرآن وحفظته، أقلها أن المقدم على الزواج لا بد أن يكون حافظا لكتاب الله كشرط لإتمام العقد.
كان سلاطين الممالك والسلطنات القديمة يعطون الفقهاء والعلماء وحفظة القرآن الكريم المكانة العليا في مجتمعات ذلك الزمان وما زالت هذه التقاليد الموروثة مستمرة في دارفور رغم تبدل الأحوال والأزمان وإن لم تكن بنفس الانتشار.
ظلت دارفور منذ عام 1600 للميلاد بلدا مسلما جميع سكانها من المسلمين، وظل القرآن الكريم القاسم المشترك بين القبائل العربية والأفريقية، والحكم بينهم فيما يثور من نزاعات.
اهتم سلاطين دارفور بالعلم والعلماء، وعرف عنهم كسوة الكعبة المكرمة وإرسال ما يعرف آنذاك بالمحمل إلى البيت العتيق. وما تزال أوقافهم معروفة في الأراضي المقدسة وأشهرها آبار علي على الطريق بين مكة والمدينة المنورة، والمقصود بعلي هنا هو السلطان علي دينار أحد سلاطين دارفور.
وكان يتم اختيار السلاطين وفق مؤهلات خاصة أبرزها حفظ القرآن الكريم والإلمام بالشريعة الإسلامية مما يدلل على تمكن القرآن في مجتمع دارفور منذ القدم.
ويقول رئيس جمعية القرآن الكريم بولاية غرب دارفور البشاري نجم البشاري للجزيرة نت إن مكانة العلماء والحفظة كانت مرموقة لدى السلاطين، وضرب مثلا بالسلطان بحر الدين سلطان دار مساليت الذي عاصر الحرب العالمية الثانية.
وأوضح أن السلطان بحر الدين وضع ترتيبا لمجلسه السلطاني، فكان أول ما يخرج من داره يلتقي بالفقهاء وحفظة القرآن ثم من بعدهم قيادات السلطنة، ثم يستمع لشكاوى عامة الناس.
القوانة ومكانتهم
أعلى درجات حفظة القرآن الكريم هم من يعرفون بالقوانة (جمع قوني)، والتسمية مأخوذة من لغة البرنو المعروفين في التاريخ الإسلامي بدولتهم الإسلامية في المنطقة الواقعة شمال تشاد، وتعني الكلمة لديهم "الرجل الغني بالقرآن".
القوني كما يوضح البشاري هو الرجل الذي يحفظ القرآن بإحدى الروايات المعتمدة، وبعد ذلك يلم بجميع علوم القرآن وخاصة معرفة عدد حروفه والآيات المتشابهة والناسخ والمنسوخ وضبط القرآن، ومعرفة عدد ذكر كلمة معينة في القرآن مثل معرفة كم مرة ورد اسم الجلالة منصوبا ومجرورا ومرفوعا، ومعرفة بدايات الأجزاء وغيرها.
الحافظ الذي يتقدم لرتبة القوني يمر باختبارات صعبة من عدد من القوانة حتى يصل إلى هذه الدرجة. كما يشترط أن يقوم بكتابة المصحف بخط يده دون الرجوع إلى مصحف، ثم يتلوه أمام القوانة ليثبت جودة حفظه، وإذا نجح يقوم أكبر الشيوخ بإلباسه طاقية وعمامة ويؤذن له بتدريس الرواية التي حفظ عليها القرآن.
القوني بشارة مصطفى المسيري رجل في التسعين من عمره، يجلس في متجر متواضع بسوق الجنينة، قال للجزيرة نت إنه حفظ القرآن في نيجيريا، ودرس علومه حتى وصل إلى درجة القوني.
مازال بشارة المسيري حتى وهو في هذه السن يخط المصحف الشريف بيده. وحينما سألناه عن التقاليد المتبعة لتنصيب القوني غير التي ذكرناها آنفا قال إن الحافظ يجب أن يكرر تسميع القرآن عشرين مرة، والأخيرة يكتبه بخط يده من رأسه ثم يتم إجلاسه على منضدة علية ويعلن للناس أن الرجل بلغ مرتبة القوني.
وقال المسيري إنه مازال يمارس كتابة المصحف يدويا، وإنه كتب حتى الآن خمسين مصحفا لكنه لا يبيعها وإنما يهديها فقط. وقد تخرج على يده 70 قونيا، ومازال يمارس تدريس القرآن في خلوة أقامها في منزله، أما عدد الحفظة الذين تخرجوا على يده ولم يصلوا درجة القوني فهم كثيرون لكنه لا يعلم عددهم.ومن التقاليد ذات الصلة بالقرآن الكريم توارث المصاحف المخطوطة باليد، وقد وقفت الجزيرة نت عند أحد المهتمين بذلك على مصحفين تجاوز عمرهما الثلاثمائة عام، والمصحفان مدون عليهما تاريخ كتابتهما واسما كاتبيهما.
القوني كما يوضح البشاري هو الرجل الذي يحفظ القرآن بإحدى الروايات المعتمدة، وبعد ذلك يلم بجميع علوم القرآن وخاصة معرفة عدد حروفه والآيات المتشابهة والناسخ والمنسوخ وضبط القرآن، ومعرفة عدد ذكر كلمة معينة في القرآن مثل معرفة كم مرة ورد اسم الجلالة منصوبا ومجرورا ومرفوعا، ومعرفة بدايات الأجزاء وغيرها.
الحافظ الذي يتقدم لرتبة القوني يمر باختبارات صعبة من عدد من القوانة حتى يصل إلى هذه الدرجة. كما يشترط أن يقوم بكتابة المصحف بخط يده دون الرجوع إلى مصحف، ثم يتلوه أمام القوانة ليثبت جودة حفظه، وإذا نجح يقوم أكبر الشيوخ بإلباسه طاقية وعمامة ويؤذن له بتدريس الرواية التي حفظ عليها القرآن.
القوني بشارة مصطفى المسيري رجل في التسعين من عمره، يجلس في متجر متواضع بسوق الجنينة، قال للجزيرة نت إنه حفظ القرآن في نيجيريا، ودرس علومه حتى وصل إلى درجة القوني.
مازال بشارة المسيري حتى وهو في هذه السن يخط المصحف الشريف بيده. وحينما سألناه عن التقاليد المتبعة لتنصيب القوني غير التي ذكرناها آنفا قال إن الحافظ يجب أن يكرر تسميع القرآن عشرين مرة، والأخيرة يكتبه بخط يده من رأسه ثم يتم إجلاسه على منضدة علية ويعلن للناس أن الرجل بلغ مرتبة القوني.
وقال المسيري إنه مازال يمارس كتابة المصحف يدويا، وإنه كتب حتى الآن خمسين مصحفا لكنه لا يبيعها وإنما يهديها فقط. وقد تخرج على يده 70 قونيا، ومازال يمارس تدريس القرآن في خلوة أقامها في منزله، أما عدد الحفظة الذين تخرجوا على يده ولم يصلوا درجة القوني فهم كثيرون لكنه لا يعلم عددهم.ومن التقاليد ذات الصلة بالقرآن الكريم توارث المصاحف المخطوطة باليد، وقد وقفت الجزيرة نت عند أحد المهتمين بذلك على مصحفين تجاوز عمرهما الثلاثمائة عام، والمصحفان مدون عليهما تاريخ كتابتهما واسما كاتبيهما.
منقول عن الجزيرة.نت