Monday, February 19, 2007

إذا لم تعجبك حياتك الحالية أو لم تكفيك هذه فرصتك


قبل بضعة أسابيع، كتبت جريدة «واشنطن بوست» ان مصممة الأزياء فيرونيكا براون تجني ثروة مهمة من طريق صنع الملابس الداخلية والأزياء الرسمية «الافتراضية» التي يطلبها «سكان» الموقع الرقمي الشهير «سكند لايف» Second Life، وترجمتها («الحياة الثانية»). وأشارت الصحيفة إلى أن براون تتوقع أن تكسب حوالى 60 ألف دولار خلال السنة الجارية من ذلك النشاط الافتراضي ولكن، ممّ تتكوّن تلك الملابس وكيف تُستخدم ولماذا تُشترى؟إن الناس الذين يعتبرون أنفسهم «مقيمين» في موقع «سكند لايف» يشترون صوراً لملابس يمكن ان تتلاءم بسهولة مع صورهم الشخصية في ذلك الموقع، الذي يعطيهم فرصة لممارسة ضروب متنوعة من الأنشطة، مثل لعب الرياضة والحفلات والتسوّق وغيرها، ما يفرض عليهم «اختيار» ملابس تناسب تلك الأنشطة. ولا تمثل الثياب سوى نموذج صغير من اهتمام جمهور «سكند لايف» بالسلع الافتراضية. لكن براون شعرت بهشاشة عالمها «الثاني» الذي تكسب عيشها منه حينما تمكن أحد محترفي اختراق المواقع من خطف برنامجها واستخدامه في استنساخ الصور المعروضة لملابسها في «الحياة الثانية»، وشرع في بيعها على طريقة بائعي الأرصفة.وتحت وطأة الخوف من استنساخ أعمالهم وإساءة استخدامها من قبل الآخرين، أعلنت براون والعاملون في المخازن الافتراضية إضراباً عاماً، وأغلقوا واجهات «محالهم» احتجاجاً على القرصنة السائدة في العالم الافتراضي. وسرعان ما أعادت براون فتح «بوتيكها» الافتراضي، لكنها ظلت تشعر بعدم الراحة من فكرة التشكك بأن ما تصنعه قد لا يبقى ملكها في شكل ثابت!يُعطي المثال السابق نموذجاً من الفكرة الأساسية وراء موقع «سكند لايف» وهي صنع موقع رقمي على الانترنت على هيئة حياة افتراضية «موازية» للعالم الحقيقي. واستطراداً، يتصرف المشتركون في الموقع وكأنهم سكان في مدينة، فيحيون في جنباتها ويمارسون أعمالاً ونشاطات تُحاكي العيش الفعلي.ويلفت أيضاً، بما يشكل تحدياً كبيراً للتفكير التقليدي ربما، شدّة إقبال الناس، خصوصاً في الغرب، على عيش حياة افتراضية يستغرقون فيها باختيارهم، كأنها تُضاعف وجودهم يومياً. وبلغ انتشار فكرة عيش «حياة ثانية» حداً جعل وكالة «رويترز» للأنباء تفتتح مكتباً افتراضياً في الموقع، وتعين مراسلها آدم باسيك مسؤولاً عنه.وفي العام 2006، فاق عدد المُتردّدين عليه المليون شخص، ما حفز الشركة على تخصيص فريق عمل كامل لإدارة نشاط مكتبها الافتراضي في موقع «سكند لايف». واستطراداً، فإن الإقامة في الموقع تعني انشاء مُدوّنة الكترونية فيه. وبذا، فإن الرواج الهائل الذي يُلاقيه «سكند لايف» يعتبر بعداً آخر في ظاهرة «البلوغرز» Bloggers، ما يُشير إلى أن تلك الظاهرة مازالت قيد التطوّر. وكذلك يُعبّر اهتمام وكالة اعلام من وزن «رويترز» بمُدوّنتها في «سكند لايف»، بالعلاقة القوية بين ظاهرة «بلوغرز» والاعلام.كما يُعتبر ذلك تأييداً للرأي القائل إن مدوّنات «البلوغرز» ربما كانت الصحافة الالكترونية الفعلية، وبذا فإنها تسير في منافسة قوية مع الصحافة المكتوبة ووسائل الاعلام التقليدية عموماً.يتميّز العالم الافتراضي لموقع «سكند لايف» أيضاً بميله الى استخدام التقنيات البصرية المُجسّمة بالأبعاد الثلاثية. وقد أسّسه فيليب ليندن في العام 2003. وطَور مُكوّناته الأساسية في محترفه الالكتروني في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية، التي تشتهر بأنها موئل للأفكار الأكثر تحررية في أميركا. ويبدأ «العيش» الافتراضي بالتسجيل في خدمة «سكند لايف»، التي تُسمى «أفاتار» avatar. والمعلوم أن كلمة «أفاتار» مُشتقة من السنسكريتية، وتعني «التجسّد». ويشيع استخدامها في العالم الالكتروني بمعنى الرسوم أو الصور التي يستعملها الشخص للإشارة الى نفسه وشخصيته. وغالباً ما تُستوحى من شخوص الرسوم المتحركة.وبذا، تسير الشخصية الافتراضية للمستخدم في موقع «سكند لايف» للتحاور وتتفاعل مع بقية الشخصيات الكارتونية للمستخدمين، الذين يُشار اليهم بأنهم سُكّان. إنها لعبة تتمايل على خطوط الفصل بين الافتراض والواقع المُعاش فعلياً.ويلفت في الموقع قوة الأنشطة المتاحة فيه. إذ يستطيع «قاطنه» شراء وبيع أراض وبناء محال وممارسة أنشطة مالية وتجارية. وتُستعمل في هذه «الحياة الثانية» عملة تسمى «دولار ليندن» يمكن استبدالها بمال حقيقي! وقد باتت مقبولة لدى عدد من المصارف والشركات المالية في الولايات المتحدة. ولعلها المرّة الأولى التي يصل فيها التقارب بين المال الافتراضي والحقيقي الى هذا الحدّ من التماهي.ولذا، ثمة من يرى أن هذا المنحى المالي ربما مهّد لجيل مقبل من الاقتصاد المعتمد على الخيال، بحيث يُصبح المستهلك افتراضياً لكنه يستعمل مالاً حقيقياً!ويعطي الموقع فرصة لتجربة هذا النوع من العيش، قبل الانخراط فيه. ويتيح اشتراكاً أولاً مجانياً، بحيث يستطيع المرء أن يسير في شوارع «سكند لايف»، ويدخل إلى المعارض ويشاهد المباني والشواطئ وغيرها، من دون أن يُعطى شخصية كرتونية تُمثّله. فإذا أراد أن يبدأ رحلته الحقيقية مع هذا العالم الافتراضي، عليه أن يدفع مبلغاً شهرياً يُساوي 10 دولارات، فيحصل على شخصيته التي تتصل بالآخرين.وتشير التقارير الى أن التعاملات في «الحياة الثانية»، وصلت إلى 630 ألف دولار حقيقي يومياً، ما يؤكد مدى الإقبال والجدية التي يتصف بها المشاركون في هذه اللعبة. ولا يتوقف دور التعاملات التجارية على العقارات، بل يوجد سوق للأسهم وسوق للاتجار بالبضائع المختلفة. ومثلما للحياة الحقيقية شروطها فالحياة المتخيلة لها شروطها أيضاً. وفي موقع «سكند لايف» لا يمكن أن يدعو المستخدم شخصاً إلى منزله إذا خلا من الأثاث، وكذلك عليه الامتناع عن السير عارياً في الشارع، ما يوجب أن يشتري ملابسه حسب قدراته وإمكاناته.وأخيراً، تناول تقرير لموقع «بي بي سي» عن لعبة «سكند لايف»، مدى تأثير هذا البرنامج في حياة العديد من المشتركين فيه. اذ يقضي بعضهم ما بين 4 إلى 10 ساعات يومياً مستغرقاً في العيش ضمن هذا العالم الافتراضي.وبيّن التقرير أن كثيرين يميلون للانغماس بشدّة في اللعبة لدرجة أن بعض المنشآت والمشاهد التي يراها المستخدم قد يرى مثيلاتها على أرض الواقع.حضور السياسة...استفاد بعض الناشطين السياسيين من موقع «سكند لايف» عبر صنع شخصيات تعبّر عنهم وتحمل اسماءهم الحقيقية. ويُمارس هؤلاء نشاطات مثل المحاضرات والترويج للأفكار والتظاهر وغيرها. ولعل أبرز هؤلاء هو البروفسور لاري ليسسيغ، المستشار المعلوماتي لدى الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون، الذي اتفق مع ما يقارب من 100 «شخصية» للتجمع في مكان اسمه «بوولي» لمناقشة كتابه الجديد «ثقافة حُرّة» Free Culture وتوزيع نُسخ إلكترونية منه.ويدعو فيه الى حرية المعلومات على الانترنت، والحدّ من تسلّط مفهوم الملكية الفكرية. ومن ميزات لعبة «سكند لايف» أنها تمكّن الشخصيات الافتراضية من الحديث بالصوت بدلاً من الكتابة، مثلما هي الحال في «غرف الدردشة».وجذبت شعبية موقع «سكند لايف» شركات عملاقة مثل «كوكا كولا» و»تويوتا»، إضافة الى مهندسين ومؤلفين وموسيقيين وغيرهم.وأنشأت شركة «ستار وود» للفنادق نسخة افتراضية من سلسلة فنادق «لوفت» التي تعتزم افتتاحها في العالم الحقيقي في عام 2008. وستفتتح سفارة السويد مقرها الافتراضي في لعبة «سكند لايف» قريباً. وصرح مسؤول في السفارة أن بلده أول دولة تستفيد من العوالم الافتراضية للوصول الى مواطنيها والسياح.كما أنها لن تكون مهمتها إصدار السمات أو جوازت السفر لرعاياها إنما ستعمل كمركز معلوماتي يقدم خدمات استشارية للحصول على هذه الخدمات واقعياً. منذ انطلاقتها، تميّزت لعبة «سكند لايف» عن تجارب العوالم الافتراضية المماثلة، بقوة اقتصادها الداخلي وكمية المبالغ التي تُنفق فيها يومياً، الأمر الذي دفع عدداً من شركات التقنية للدخول إليها. وبديهي القول إنه كلما كان المستخدم اقوى واغنى كلما زادت مُشاركته قوة وغنى. وبذا، بات بالإمكان تحويل الخيال إلى حقيقة تدر المال، من طريق توظيف الأفكار. وقد ينظر بعضهم الى ذلك باعتباره فتحاً في تاريخ علاقة الانسان مع اللعب.كما تكشف هذه التجربة اللعبية أيضاً أن العقل البشري مقبل على زمن اكثر «عجائبية» و»سحراً»، تتصارع فيه الأفكار بقوة وتؤسس لعالم خيالي، له مردوده الواقعي. اذ يستطيع أي إنسان يعيش في غرفة مع جهاز كومبيوتر موصول بالإنترنت، أن يحقق أحلامه، من دون أن يكون مضطراً للخروج إلى الشارع لملاقاة الناس. وتزايد الاعتقاد بأن العوالم الافتراضية على رغم بطء انتشارها ستسحب البساط من تحت اقدام الشبكات الاجتماعية.بات محتماً ان تتأثر الشبكات الاجتماعية بـ «شبح» العوالم الافتراضية. ويدور الجدل الآن حول ما اذا كانت الشبكات الاجتماعية ستستمر في تجاهل العوالم الافتراضية واعتبارها «كأنها لم تكن» فتفاجأ في يوم من الأيام بسيطرتها على العالم الواقعي! مَن يذكر فيلم الأخوة واتشوفسكي «ماتريكس» Matrix؟ ربما لم يعد ما تنبأ به بعيداً.

الحياة
منقول عن شام برس
18/2/2007

Thursday, February 08, 2007

3 minute management course

Lesson 1
A man is getting into the shower just as his wife is finishing up her shower, when the doorbell rings.The wife quickly wraps herself in a towel and runs downstairs. When she opens the door there stands Bob, the next door neighbour. Before she says a word, Bob says, "I'll give you £800 to drop that towel." After thinking for a moment, the woman drops her towel and stands naked in front of Bob. After a few seconds, Bob hands her £800 and leaves. The woman wraps back up in the towel and goes back upstairs. When she gets to the bathroom, her husband asks "Who was that?" "It was Bob the next door neighbour" she replies. "Great!" the husband says, "did he say anything about the £800 he owes me?"
Moral of the story: If you share critical information pertaining to credit and risk with your shareholders in time, you may be in a position to prevent avoidable exposure.
Lesson 2
A priest offered a Nun a lift. She got in and crossed her legs, forcing her gown to reveal a leg. The priest nearly had an accident. After controlling the car, he stealthily slid his hand up her leg. The nun said, "Father, remember Psalm 129?" The priest removed his hand. But, changing gears, he let his hand slide up her leg again. The nun once again said, "Father, remember Psalm 129?" The priest apologised "Sorry sister but the flesh is weak". Arriving at the convent, the nun went on her way. On his arrival at the church, the priest rushed to look up Psalm 129.
It said, "Go forth and seek, further up, you will find glory."
Moral of the story: If you are not well informed in your job, you might miss a great opportunity.
Lesson 3
A sales rep, an administration clerk and the manager are walking to lunch when they find an antique oil lamp. They rub it and a Genie comes out. The Genie says, "I'll give each of you just one wish". "Me first! Me first!" says the admin clerk. "I want to be in the Bahamas , driving a speedboat, without a care in the world". Puff! She's gone.
"Me next! Me next!" says the sales rep. "I want to be in Hawaii , relaxing on the beach with my personal masseuse, an endless supply of Pina Coladas and the love of my life". Puff! He's gone.
"OK, you're up", the Genie says to the manager. The manager says, "I want those two back in the office after lunch."
Moral of the story: Always let your boss have the first say.
Lesson 4
An eagle was sitting on a tree resting, doing nothing. A small rabbit saw the eagle and asked him, "Can I also sit like you and do nothing?" The eagle answered: "Sure, why not." So, the rabbit sat on the ground below the eagle and rested. All of a sudden, a fox appeared, jumped on the rabbit and ate it.
Moral of the story: To be sitting and doing nothing, you must be sitting very, very high up.
Lesson 5
A turkey was chatting with a bull.. "I would love to be able to get to the top of that tree," sighed the turkey, "but I haven't got the energy."
Well, why don't you nibble on some of my droppings?" replied the bull. "They're packed with nutrients." The turkey pecked at a lump of dung, and found it actually gave him enough strength to reach the lowest branch of the tree.
The next day, after eating some more dung, he reached the second branch. Finally, after a fourth night, the turkey was proudly perched at the top of the tree. He was promptly spotted by a farmer, who shot him out of the tree.
Moral of the story: Bullsh*t might get you to the top, but it won't keep you there.
Lesson 6
A little bird was flying south for the winter. It was so cold the bird froze and fell to the ground into a large field.
While he was lying there, a cow came by and dropped some dung on him. As the frozen bird lay there in the pile of cow dung, he began to realise how warm he was. The dung was actually thawing him out! He lay there all warm and happy, and soon began to sing for joy. A passing cat heard the bird singing and came to investigate. Following the sound, the cat discovered the bird under the pile of cow dung, and promptly dug him out and ate him.
Moral of the story: 1 Not everyone who sh!ts on you is your enemy 2 Not everyone who gets you out of sh!t is your friend 3 And when you're in deep sh!t, it's best to keep your mouth shut!
This ends the 3 minute management course.

Tuesday, February 06, 2007

مشهد دمشق بعد سنوات الانفتاح الاقتصادي

سورية تتغير. ليست سورية كلها مشمولة بالتغيير، لكنه تغيير يطال بعضها بالتأكيد. السرعة تختلف. ايقاع التغيير سريع من وجهة نظر السوري الذي يعيش في بلده وان كان لا يلمحه يوميا. الامر مختلف بالنسبة الى المغترب الذي يرى التغيير عملية بطيئة.اكثر من يلمس الاختلاف، هو ذاك السوري الذي غاب عن بلده فترة طويلة. بمجرد الوصول الى مطار دمشق الدولي، يمكن تلمس تغيرات طرأت على طبيعة الحياة. فلا تبدو سورية مثل كوبا ولا هي كوريا الشمالية، كما يعطي الانطباع بعض وسائل الاعلام الغربية.صحيح ان بعض رجال الامن لا يستقبلون القادم كما يشتهي وان الروتين لا يزال جاثماً على البوابات الحدودية، لكن اللوحات الاعلانية تنتشر في كل مكان، وهناك الاسواق الحرة التي اقيمت في المداخل الحدودية البرية والجوية، كما هو الحال في أي بلد آخر.بمجرد الانتهاء من التعامل مع المؤسسات الرسمية من جمارك وامن، هناك نموذج آخر. انه القطاع الخاص. شركات نقل خاصة وشركات هاتف نقال ومصارف خاصة «ترحب» بالضيوف القادمين الى سورية. وبين المطار او الحدود وقلب العاصمة، هناك الكثير من اللوحات الاعلانية لأشهر الماركات العالمية من الالبسة والعطورات والخدمات.في المدينة، الامر مختلف لكن مشابه لتلك الصورة المركبة. تناقض كبير، أبنية تعود الى الارث «السوفياتي» وتذكّر بالولع السابق بنسخ علب الكتلة الشرقية السكنية. أبنية شاهقة ومبنية من الاسمنت الرمادي الخالي من الروح. انها مؤسسات حكومية او للسكن العام شيدتها جمعيات حكومية. تنتصب على جانبي الشوارع. بعضها بني بطريقة تناسب «حالة اللاسلم واللاحرب».هذه الصورة ليست جديدة، بل هي متجذرة. الجديد هو حجم التغيير الذي طرأ على الفلسفة العمرانية لدمشق. ابنية جميلة هندسياً بدأت تظهر. تقتير الدمشقيين على المظهر الخارجي معروف في الاوساط السورية على عكس اهالي حلب المعروفين بالبذخ، لكن لمسات غير شامية بدأت تقع على لوحة العمران الشامية. فندق «فورسينزنز» خير مثال على ذلك. مقر «المصرف الاسلامي» مثال اخر مميز وسط عبثية الابنية الممل. حتى ان «الحداثة» العمرانية دقت باب مبنى «الهيئة العامة للإذاعة والتفلزيون» قرب ساحة الامويين: زجاج يكسو واجهات البناء. لكن فجأة توقفت العمليات الاكسائية، لأن القيمين اكتشفوا انهم على وشك نقل البناء بأكمله الى خارج المدينة.اذا جازت المبالغة لأمكن القول ان جميع الطبقات السفلية من ابنية الشوارع الراقية في العاصمة السورية، هي في طور الترميم واعادة البناء. هنا مصرف خاص وهناك وكالة لشركة طيران خليجية او اجنبية. ومطعم او مقهى بملمسات معولمة. وبين هذا وذاك واجهة لوكالة البسة اجنبية. نعم في سورية بات في بالأمكان فتح مصارف وجامعات ومدارس خاصة، بل صار في الامكان صرف آلاف الدولارات لشراء البسة تحمل اسماء ماركات عالمية. «برادا»، و«شانيل» و«ديور» و«غوتشي».استيقاظ كيفييعيش بعض سكان العاصمة، بطريقة لا تشبه اساليب عيش بقية السوريين. الاستيقاظ كيفي في الصباح. احتساء كوب «نسكافيه» او التوجه الى واحد من المقاهي الحديثة التي باتت منتشرة في الشوارع. بات بإمكان هذا «البعض» الاختيار من التشكيلة الواسعة من انواع القهوة والمنبهات الصباحية. اذ ان رفوف الـ «سوبرماركت» تمتلىء بأفخر أنواع المأكولات والحاجات المنزلية. وبعدما كان حدثاً قبل سنوات، ان يتوفر الزيت والسكر والمواد التموينية، وبعدما كان حدثا ان يفتتح «ميني ماركت» او دكان، بات سماع خبر افتتاح «شام ستي سنتر» الضخم في حي كفرسوسة امراً طبيعيا. وآخر صرعات الموسم، المبالغة في الاهتمام بالمأكولات الصحية في بلد ألف سكانه السمن العربي والحلويات الشامية واللحوم...بات الانتقال سهلاً وميسراً من البيت الى المقهى. باصات النقل الداخلي متوافرة. لونها الأبيض يشير أنها قادمة من ايران. والباصات الصغيرة متوافرة بكثرة جنباً الى جنب مع السيارات العامة الصفراء. لكن الجديد هو حضور افخر السيارات مع «البعض». يمكن مشاهدة سيارات قد لا تجدها بكثرة في بلدان المنشأ: «مازراتي» و«هامر» و«لامبورغيني» و«بنتلي»، ناهيك عن «جاغوار» و«مارسيدس» و«بي ام دبليو».بعد احتساء القهوة يصاحبها قليل من «الدردشة» الالكترونية على الكمبيوتر المحمول والمربوط لاسلكياً بخدمات الانترنت، يمكن لهذا «البعض» قتل الوقت بإجراء اتصالات هاتفية لعقد صفقات سواء في المكتب او عبر الهاتف النقال. لم يعد ضروريا الذهاب الى لبنان لتحويل قيمة المستوردات، بات ممكناً الاستفادة من سبعة مصارف خاصة وصلت قيمة ودائعها الى ثلاثة بلايين دولار اميركي، لعقد الصفقات والتحويلات المصرفية.عندما يحين وقت الغداء، كما العشاء، هناك قائمة واسعة من الخيارات. مطاعم تركية وهندية ويابانية وصينية ومكسيكية وفرنسية وايطالية في الاحياء الراقية. ووجود المطاعم الشرقية في دمشق القديمة، تحصيل حاصل. ويمكن لـ «البعض» الاختيار من بين مئة مطعم في دمشق القديمة. وللعلم فإن كلفة وجبة عشاء او غداء لأربعة أشخاص، تساوي قيمة راتب شهري لموظف رفيع في القطاع الحكومي.لابأس بـ «جولة» بعد الغداء للتهضيم. مشوار ليس على القدمين، بل في مقاعد السيارة ووراء مقودها. ومثلما العرس هو حالة اشهار للزواج، فإن «الفتلة» هي حالة إشهار انتقال شخص ما من شريحة الى اخرى... أعلى.من يتمتع بالهمّة والعمر المناسبين، يمكن له ان يعمل على «تفتيل» عضلاته في احد الاندية الرياضية الحديثة الصالحة في الصيف والشتاء. ومن تمتلك الوقت الكافي تستطيع الأستمتاع بساعات تدليك، او مراجعة عيادة تجميل لتناول الاعشاب الصحية او التهام الابر الصينية، طبعا بعدما تكون خضعت - كما في لبنان - الى مبضع «الطبيب المداوي» في الانف أو الاذنين أو الصدر... أو شفط الوركين أو البطن.بعد ساعات الاهتمام بالجسد، تأتي ساعات الاهتمام بالملبس قبل مجيء ساعات «جهاد» النفس.وفر «انفتاح» الاشهر الاخيرة الخيارات جميعها للسوريين. الامور التي كانت محرمة قبل سنوات باتت في متناول الجميع. المفاجأة ان الاحياء القديمة، باتت تستضيف أيضاً بيوتاً لأفخر الماركات.جوهر التناقض موجود هنا. محال الأجبان والموالح جاشمة منذ قرون في هذا الشارع منذ ان اسسه الوالي العثماني مدحت باشا حيث تعرض منتجاتها بقروش وليرات سورية. ودكاكين بيع اللوازم المدرسية تعرض صور زعيم «حزب الله» حسن نصر الله وأعلامه وشعاراته. وفجأة يظهر باب خشبي كبير يخبئ وراءه اسرار علي بابا. لابد من ان يكون الزبون مسلحا بسائق وسيارة فخمة وبطاقة «فيزا» او آلاف الدولارات، كي «تدخل» في احدى مغارات علي بابا.قهوة صباحية. اتصالات هاتفية. غداء «كوسموبوليتان». البسة اجنبية. وعطورات فرنسية. وقبل هذا وذاك سيارة فارهة. سلة الخيارات واسعة الآن هناك الكثير من الملاهي والحانات في دمشق القديمة والحديثة. ويتم التعرف عليها من رجال الأمن والسائقين التابعين للقطاع الخاص. وما يحصل فيها، مشابه لما يحصل في اي من نظيراتها في العالم. رقص وتحليق في السماء مع دوائر الدخان المتصاعدة، ومن يحب «الاستشراق»، عليه ان ينهي سهرته في الصباح بتناول صحن فول او حمص، في حي الميدان الدمشقي.«البعض» سيكون قادراً على الذهاب الى جامعته، طالما ان الجامعات الخاصة باتت متوفرة وتدرّس باللغة الانكليزية ورسومها بالدولار. تماماً كما هي الحال مع التدريس ما قبل الجامعي، حيث اقيمت الى جانب المدارس الاميركية والفرنسية والباكستانية المعروفة منذ عقود، مدارس خاصة بمناهج مدارس اجنبية وبرسوم قيمتها عشرات آلاف الدولارات للطالب الواحد.ما كانت توفره بيروت لـ «البعض» باتت دمشق تقدمه بسخاء. اعتاد سوريون الذهاب الى العاصمة اللبنانية في الـ «ويك اند». قهوة في «فردان» وغداء وعشاء، وبين هذا وذاك، ساعات التسوق وصرف الاف الدولارات. كانت مصارف لبنان تجري للسوريين تحويلاتهم المصرفية. يقول احد العارفين بأحوال الشام :«بدلاً من ان تصرف هذه الدولارات في لبنان، باتت تصرف في سورية. الشريحة ذاتها. لم يتغير سوى السوق».ويمكن التعرف على هذا «البعض» من خلال تصفح المجلات التي تعكس النشاطات الاجتماعية في دمشق وحلب. ومن كان مهتماً بالثقافة والسياسية، يمكن التعرف إليه عبر الشهريتين الناطقتين بالانكليزية يصدرهما فريق تخرج من الجامعة الاميركية في بيروت وجامعات غربية في العالم.ولم يعد السوري في حاجة لاستراق موجات الاإذاعات اللبنانية، للاستماع الى اخر الاغاني الشرقية والغربية باللغة العربية او الانكليزية، اذ ان الاذاعات التجارية - غير السياسية - متوافرة في اثير دمشق واخواتها.لكن لاتزال وسائل الاعلام الرسمية المسموعة والمرئية والمقروءة موجودة. تماما كما هي حال المصارف والجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية. وما ان تخرج من هذه الدائرة الصغيرة المغلقة، حتى ترجع الى العقود الخوالي. كأن شيئا لم يكن.تغيّر لباس التلاميذ من الكاكي الى الوردي. تغير لباس الطلاب الجامعيين. لكن آلافاً مؤلفة لاتزال تتجه كل صباح الى المدارس والجامعات وبأقساط سنوية رمزية. ولايزال ملايين العمال يذهبون الى معاملهم والفلاحين الى مزارعهم والشيوخ الى مساجدهم.لم تطأ قدم التغيير كل جهات سورية. هناك عالم ارحب واوسع، يختلف عن العالم الضيق لأولئك الذين يزدادون ثراء. وبحسب احصاءات رسمية هناك نحو 11 في المئة من السوريين البالغ عددهم 18 مليوناً تحت خط الفقر وترتفع نسبتهم في بعض المناطق. وهناك نحو 9 في المئة من العاطلين عن العمل، وتشير تقديرات الى ان عددهم يبلغ مليون شخص من اصل اجمالي قوة العاملة، ومعظهم في عمر الشباب.لايحتاج الامر الى جولة في اعماق الريف السوري، للاصطدام بصورة معاكسة. فمساءات ايام الخميس والجمعة تسجل خروج اآلاف العائلات في سيارات «بيك اب» وسيارات بثلاث عجلات الى حدائق دمشق العمومية وساحاتها واطرافها للتمتع بمشوار عائلي زهيد الكلفة.ويكاد الريف يحمل صورة منسوخة من هذه المشاهد. هناك عالم اخر غير ما تيسر لـ «البعض» في المدن. سرعة التغيير بطيئة. يذهب الناس الى عملهم والى مدارسهم في سيارات عمومية بسيطة. وعندما يعودون، فإنهم يأكلون في منازلهم. المتعة الوحيدة تكمن في التسمر امام شاشات الفضائيات العربية. من يهتم بالسياسة يتابع البرامج الجدلية. ومن يهتم بالمسلسلات، يستطيع الاختيار من قائمة الوجبات الدرامية. ومن هو في سن المراهقة يستطيع الإبحار بعد منتصف الليل في اثير الشبكات المشفرة.لكن الواقع لايتغير بالسرعة التي يتغير فيها العالم الافتراضي. الأحلام الآتية من الفضائيات أسرع بكثير من قدرة المجتمع على التحول. يجد بعض الغالبية الحل في الانطواء واليأس. البعض الآخر يجد الحل في اللجوء الى المسجد.. وهناك من يبحث عن نصر. وهذا ما وفره «صمود حزب الله» في الحرب الأخيرة، ما جعل نصر الله زعيماً شعبوياً في مشهد سوري معقد ومتناقض: شريحة تزداد ثراء. انفتاح اقتصادي تدريجي. استثمارات خليجية في السياحة والعقارات. كلام عن تراجع عائدات النفط. عجز عن تلبية الحاجات المتصاعدة. مؤشرات إلى فقر مدقع... وبدايات لتطرّف ديني وقومي.

الحياة
منقول عن شام برس
6/2/2007